الفكر التربوي في القرن العشرين
من الصعب على الباحث ان يلم بكل الاتجاهات التربوية التي ظهرت في القرن العشرين ، ناهيك عن المتغيرات والعوامل التي افرزتها ، لذلك سنحاول في هذا الفصل الالمام بشكل مختصر ومكثف بأهم العوامل – وليس كلها – التي اثرت في تطور الفكر التربوي في القرن العشرين ، كما سنلقى الضوء على اهم المدارس التي كان لها تأثير كبير في تطور النظريات والممارسات التربوية ي القرن العشرين .
أولاً : العوامل المؤثرة في الفكر التربوي :
1- التراكم المعرفي في مجال التربية .
2- التقدم الكبير في مجال الدراسات النفسية بشتى فروعها واعتمادها على مناهج البحث العلمي بما فيها من دقة وضبط وموضوعية وتجريب ، والتخلي عن الاساليب التاملية التي كانت سائدة من قبل مما ساعد العاملين في مجال التربية على تكوين مفاهيم صحيحة ، أو أقرب الى الصحة عن الطبيعة الانسانية .
3- الثورة في وسائل التعليم والاعلام بحيث أخذ العالم تدريجيا ، بفعل التطور في تكنولوجيا الاتصال .
4- اشتداد الصراع والحرب الباردة .
5- الثورة العلمية والتكنولوجية بمختلف مظاهرها وتداعيتها من ظهور علوم وتخصصات جديدة ، وتداخل بين مجالات المعرفة المختلفة .
خصائص الفكر التربوي الأوروبي الحديث :
1- الاستمرارية والتجديد .
2- تقليص الطابع الاقليمي للفكر .
3- عدم ظهور مذاهب فكرية شاملة .
4- الديمقراطية الفكرية .
5- ازدياد تأثير مناهج البحث العلمي على الفكر .
ثانياً : المدرسة البراجماتية Pragmatism
المدرسة البراجماتية مدرسة أمريكية الصنع تستحق أن وضع عليها شارة Made In U.S.A ، مثل التي نراها على المنتجات الامريكية المختلفة ، ورغم ذلك فقد كتب لها الذيوع والانتشار وبخاصة في مجال التعليم بنفس القدر الذي ذاعت به واشتهرت المنتجات والصناعات الامريكية في كافة الاسواق ، وهذه الفلسفة – في نشأتها – تعد أصدق محصلة للظروف التي مر بها المجتمع الامريكي في مرحلة التشكل من عمل وجهد ونشاط ، واعلاء لقيمة الافكار النافعة .
وقد أسهم ثلاثة من المفكرين الامريكيين في بناء هذه الفلسفة وهم :
الفيلسوف تشارلس بيرس ( 1839-1914) ، وعالم النفس الامريكي وليم جيمس ( 1842-1910 ) والمربي الفيلسوف جون ديوي ( 1859- 1952 ) .
فكانت افكار كل واحد منهم بمثابة اضافة لربط هذه الفلسفة بالحياة المعاصرة والعالم الجديد في القرن العشرين .
فقد أكد بيرس على أن المعيار الصحيح والوحيد لاختبار صحة الافكار والحقائق هو الخبرة والتجربة ، ففي بحث له بعنوان
( كيف نجعل أفكارنا واضحة )
قال فيه : إننا لا نعرف على وجه التحقيق ما هي الكهرباء في حد ذاتها ، أي أن فكرتنا عن الكهرباء غامضة ، ولكن هذا الغموض يزول اذا وجهنا نظرنا الى ما تؤديه لنا الكهرباء او الى ما تحققه من اغراض علمية ، وكذلك فيما يتعلق بفكرة الثقل ، فنحن لا ندري عن فكرة الثقل شيئا ، وكل ما نعلمه حين نقول إن جسما ثقيلا على الأرض في حالة عدم وجود قوة مضادة تمنعه من السقوط ، إنه يسقط لأنه ثقيل .
المهم ان معنى الثقل يتحدد بالنظر الى آثاره التي نلسمها في تجربتنا اليومية ، والامر على هذا النحو فيما يتعلق بمعظم الأفكار ، فدقة هذا الجرس معناه أن المحاضرة قد انتهت ، فسمعنا له أو أثره الحسي قد نسي واتجه ذهننا فقط الى ما يترتب عليه من نتائج علمية ، ومن هنا فقد عرف بيرس الفكرة بأنها خطة الفعل ( plan of Action ) وكانت هذه المحاولة التي قام بها بيرس ليوضح معنى الفكرة بالنظر الى آثارها أو نتائجها العلمية المترتبة عليها بمثابة الخطوة الاولى أو الاساس في إرساء قواعد المذهب البراجماتي العلمي .
جون ديوي وآراؤه التربوية :
تأثر ديوي في أفكاره بنظرية داروين في النشؤ والارتقاء وتطور الجنس البشري ، كما تأثر أيضا بأفكار توماس هكسلي وبالفيلسوف الالماني هيجل الذي يبدو أن تأثيره على ديوي كان كبيرا ، كما تأثر أيضا بآراء المربي الالماني فروبل ، والتي وضعها موضع التنفيذ في مدرستة الابتدائية التجريبية التي جعلها حقلا لتجربة نظرياته وآرائه النقدية في التربية والتي ألحقها بكلية المعليمن بجامعة شيكاغو عام 1896م بالاضافة الى تأثره بالمربي الالماني هربارت .
فلسفته وآراؤه التربوية :
ولكي نفهم آراء ديوي التربوية حق الفهم ، ينبغي أن ندرس الاسس الفلسفية العامة التي قامت عليها .
الطبيعة الانسانية :
نظر ديوي الى الانسان باعتباره وحدة واحدة
العالم :
يرى ديوي ان العامل ليس شيئا ثابتا أو جامدا ، ولا نظاما مقفولا ، ولكنه عملية ديناميكية من التغير والتطور المستمر والخاصية الرئيسية للحياة هي التغير والتحول أو هي عملية من التكيف التجريبي مع الظروف المتغيرة والمتجددة .
المعرفة :
يري ديوي أن الخبرة والتجربة والنشاط الذاتي هي المصدر الاساسي للمعرفة .
ثالثاً : مدراس الفكر التربوي النقدية :
المبادئ التي تقوم عليها المدرسة النقدية :
من المبادئ التي تقوم عليها المدرسة النقدية الاجتماعية ما يلي :
1- الإيمان بأن قدرات الإنسان غير محددة ، وأنه يستطيع دائما تغيير الواقع المادي والاجتماعي الذي يعيش فيه وكذلك تغيير نفسه ليصبح أكثر إنسانية .
2- إن الواقع بجانبيه المادي والاجتماعي دائم التغير ، وبالتالي فإن مهمة النظرية الاجتماعية تقديم فهم علمي سليم للقوانين التي تحكم هذا التغير .
3- ان الصراع هو الذي يحكم طبيعة العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع ، وأن فكرة الإجماع القيمي والاتفاق الجمعي خرافة .
4- أن وظيفة النظرية الاجتماعية لا تقف فقد عند حدود وصف الاوضاع الراهنة ، وانما يجب ان تتجاوز ذلك الى اقتراح وتقديم أساليب علمية لتغيير المجتمع الى الصورة المثلى التي توصلت إليها من خلال تحليل المجتمعات القائمة .
5- إن النظرية الاجتماعية ينبغي أن تكون موجهة لصالح المجموعات والفئات الاجتماعية التي من مصلحتها إحداث التغيير في المجتمع ، وليست تلك المجموعات المستفيدة من بقاء الاوضاع على حالها.
2- اللامدرسية ( فك المدارس )
وتتبلور الانتقادات التي وجهها اللامدرسيون الى المدرسة في اعتبارهم المدرسة بوضعها الحالي تمثل سلطة تفرض بالاكراه على جميع افراد واذا اضفنا الى ذلك ما يمثله الفصل الدراسي من بيئة كبيئة ومملة مما يجعل الطالب يكره مكان التعليم .
ومن ثم فإن ما يتعلمه الطلاب ليس دائما ما يرغبون بالفعل في تعلمه ، ومن ثم فإنه يعدون لوظائف والاعمال – بناء على تعليمهم السابق – لا يغربون فيها ، وهكذا كله من شأنه أن يجعل الافراد يعيشون حالة من الخضوع والذل